عناوين الاخبار من المواقع الالكترونية الاخبارية

عناوين الاخبار من المواقع الالكترونية الاخبارية
اخراخبار محافظة ديالى

الخميس، يونيو 21، 2012

الدين افيون الشعوب



بقلم / سيف راضي:
هذه العبارة التي اشتهر بها  المفكر الشيوعي كارل ماركس والتي أطلقها في فترة كانت فيها الكنيسة تسيطر على مختلف نواحي الحياة السياسية والاجتماعية في أوربا ، وهذه العبارة جاءت نتيجة لإحساس هذا المفكر الكبير بما كان يعيشه مجتمعه من حالة تخدير عقلي تام بسبب سطوة الدين الذي أصبح أداة بيد الكنيسة تحركه بالطريقة التي تراه مناسبة ويخدم مصالحها.
وبعيدا عن الانتماء لصاحب هذه العبارة وإذا ما أردنا أن نقارن أوربا في ذلك الوقت ووضع العراق الحالي فإننا نرى تشابها كبيرا وتكرارا  لسطوة الدين على الحياة السياسية والاجتماعية حيث أصبح لرجال الدين مكانة كبيرة وسطوة على المجتمع فهؤلاء المعممين أصبحوا يتحكمون بمستقبل العراق وأصبحوا يسيرون العقول لما فيه مصالحهم الشخصية والفئوية .
بعد عام 2003 شهد العراق تغيرات كثيرة فبعد إن كان المجتمع العراقي مجتمع معتدل دينيا ويعيش أبنائه متآخيين بكل أطيافهم وانتماءاتهم ولا يتحدثون كثيرا في الدين وفي الاختلافات بين هذه الطائفة او تلك ويجمعهم حبهم للعراق برزت حالة التعصب الديني التي جاءت مع قدوم رجال الدين إلى السلطة بأحزابهم الدينية والتي يطلق عليها الاسلام السياسي فانقسم العراق سياسيا واجتماعيا إلى معسكرين رئيسين هما المعسكر الشيعي والمعسكر السني ومع بروز هاذين المعسكرين برز معها الاسلام المتطرف من الجانبين الأمر الذي أدى إلى نشوب حرب طائفية غير معلنة أكلت الأخضر واليابس ولا تزال أثارها موجودة لحد الان .
لقد اتخذ المعممون من الدين وسيلة لتحقيق مأرب سياسية ونجحوا في ذلك وشجعهم على ذلك تقبل عقل المواطن العراقي وانسياقه ألا محسوس بالتصديق برجال الدين وما كانوا يضخونه من أفكار طائفية في عقول الناس فظهرت جماعات مسلحة من الطرفين غايتها تصفية الجماعة التي تختلف معها في الفكر والمعتقد في أمر لا يمت إلى الدين بصفة فالمعروف عن الأديان السماوية منها والأرضية(الوثنية) أنها جميعا تحترم الإنسان وإنها جميعا تحث على السلام وتحث الناس بالابتعاد عن القتل وسفك الدماء.
والدين الإسلامي واحد من تلك الأديان التي جعلت من الإنسان قيمة عليا فهو الذي ميزه الخالق عن بقية خلقه فمن أين برزت تلك الجماعات وما الغاية من وجودها سوى خدمة رجال الدين الذين نزعوا العمامة وتركوا دورهم الديني وارتدوا القاط والرباط ليكونوا سياسيين يحكمون ويسيرون البلد على أهوائهم يشجعهم في ذلك تكالب الناس عليهم وإيمانهم بهم .
نحن نرى الان كيف إن العراقيين أصبحوا أدة بيد رجال الدين الذين أخذوا يستغلون الفرص لترويج أفكارهم ولتعزيز صلتهم بأبناء المجتمع فهم يدعمون المناسبات الدينية بكل قوة فلا يمر شهر دون أن تكون فيه مناسبات دينية وأصبح هاجس الدين والولاء للطائفة هو ما يميز أبناء المجتمع العراقي وقد استغل رجال الدين المناسبات الدينية لتمرير سياساتهم الداعية إلى تعزيز الولاء للطائفة وتغليبها على الحس الوطني والانتماء للعراق فإذا ما تكلم مواطن عراقي بالسوء عن العراق فلن تجد من يسأله ويجادله اما اذا تحدث بالسوء عن الطائفة فسيصبح عدوا لأبناء تلك الطائفة وهذا الأمر اذا ما دل على شيء فانه يدل على مدى ما وصل اليه رجال دين من قدرة على استحواذ العقل العراقي الذي أصبح مسيرا وليس مخيرا فهوا ينساق للطائفية من غير ما يشعر وبالتالي سيكون سببا في تواجد الأحزاب الدينية وطغيانها وسيطرتها على الواقع السياسي في العراق.
ومن كان يضن او يأمل أن مرحلة المحاصصة الطائفية سوف تنتهي في هذه الفترة الانتخابية او التي تليها فهو وواهم فما زرعته الأحزاب الدينية في عقول الناس سوف يستمر إلى أمد طويل ولا اضن أنه سينتهي في غضون السنوات القليلة القادمة فالعقل العراقي أصبح مخدرا بأفيون الطائفية التي تمد الأحزاب الدينية بالسلطة فإذا ما انحسرت الطائفية فان تلك الأحزاب الدينية ستزول من المشهد السياسي وهذا ما لا تريده ولا تتمناه تلك الأحزاب والطريق الأمثل لبقائها هي استمرارها بضخ سموم الطائفية وتسميم الدين بأفكارها الخبيثة من اجل تحويل الدين إلى دعاية انتخابية تنال بها رضا أتباعها ولكي يطول بقائها على قمة هرم السلطة.